الفلك يدور؟ إيران هذا الوافد الجديد !!
أحسن سمو الأمير طلال بن عبد العزيز، إذ أسس صالون الفاخرية للثقافة والمعرفة، وبدأ ملتقاه الأول في القاهرة منذ أيام. كما أحسن سموه إذ اختار للملتقى الأول موضوعًا بالغ الأهمية، كان عنوانه (إيران هذا الوافد الجديد)، ذلك أن سمو الأمير طلال كان -وسيظل- رجل حوار وتعايش، ورمزًا لفكر متجدد حر.
الأربعاء 23 يناير 2008م
محمد صلاح الدين :
أحسن سمو الأمير طلال بن عبد العزيز، إذ أسس صالون الفاخرية للثقافة والمعرفة، وبدأ ملتقاه الأول في القاهرة منذ أيام. كما أحسن سموه إذ اختار للملتقى الأول موضوعًا بالغ الأهمية، كان عنوانه (إيران هذا الوافد الجديد)، ذلك أن سمو الأمير طلال كان -وسيظل- رجل حوار وتعايش، ورمزًا لفكر متجدد حر.
وأحسب أن تأسيس سموه لهذا الصالون الثقافي المعرفي، لا يبعد كثيرًا عن جهوده الحثيثة ومنظماته للعناية بالمرأة والطفل في العالم العربي، واهتمامه المتميّز بالتعليم والتنمية المستدامة، ومشاريعه الفريدة كالجامعة المفتوحة، وبنوك الفقراء، بل إن هذا الصالون الثقافي المعرفي هو تكامل طبيعي لكل هذا النهج المستقبلي الواعد. ?
إن الأمة في أمسِّ الحاجة إلى منابر مستقلة للرأى الحر، تستقطب النخبة المفكرة من كل اتجاه، وتفسح المجال للرأى الآخر، وتطرح للنقاش كل قضايا الأمة على مستوى الوطن العربي والإسلامي، وأثق في أن صالون الفاخرية سيوفّر لحواراته وأنشطته الاستقلال، والحرية، واحترام الرأي الآخر، ممّا يوفّر البيئة الصالحة للحوار المثمر البنّاء. ?***?في هذا الملتقى الأول لصالون الفاخرية حول “إيران هذا الوافد الجديد”، افتقدت الرأي الآخر، فالأوراق المقدمة للملتقى تكاد تجمع على وجود مشروع إيراني مقابل مشروع أمريكي، لكن المشروع الأمريكي هو في جوهره مشروع إسرائيلي بكل سياساته، خاصة في منطقتنا العربية والإسلامية، والعرب ليسوا أقل معارضة لهذا المشروع من إيران، بل هم المعنيون بهذا المشروع أكثر من الإيرانيين، ثم ما هو المشروع العربي المقترح للوقوف في وجه المشروع الإيراني؟ ولماذا لا يكون لإيران والدول العربية مشروع واحد، يقوم على الاحترام المتبادل، والتعاون المشترك للنهضة العلمية والاقتصادية، وتحقيق الأمن المائي والغذائي، وإرساء أسس التكامل الصناعي؟!?
هل نحن نريد حقًا أن تُذعن إيران للمشروع الأمريكي، فتقوم بدور الشرطي في المنطقة لحساب واشنطن؟ كما تقترح المناقشات، وتعترف بإسرائيل، وتعود للتعاون العسكري والاستخباراتي الأمني مع تل أبيب، كما كان الحال أيام الشاه ؟! هل تلعب إيران حقًا على التناقضات العربية؟ وهل هذه التناقضات من صنعها هي؟! أوَليست أمريكا هي التي أسقطت صدام حسين، ثم سلّمت العراق بعد ذلك للزعماء العراقيين، الذين عاشوا لأكثر من 30 عامًا في ضيافة وحماية إيران؟!?***?هل يخدم المصلحة العربية، أن تظل العلاقات مقطوعة مع إيران، من قِبل بلد عربى رئيسي كمصر لأكثر من ثلاثة عقود، وأن يجتمع العرب في جبهة واحدة في “مواجهة” إيران كما يقترح بعض المشاركين؟! أم أن من الخير اتباع السياسة السعودية التي احتفظت -وما تزال- بعلاقات مثمرة مع إيران قبل الثورة وبعدها، وكان ذلك -دون شك- لخير الطرفين ومصلحتهما، رغم كل ما اعتور هذه العلاقات من عثرات أليمة، ونكسات كبرى؟!?هل يفضل العرب “احتكار” إسرائيل لكل أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والنووية والبيولوجية الجرثومية، على امتلاك إيران قوة نووية؟! ?إن أحدًا لا يقبل على الإطلاق احتلال إيران الجزر العربية في الخليج، لكن هل الرد على هذا الاحتلال، هو القبول بقاعدة عسكرية أمريكية ضخمة في قطر، وقاعدة بحرية أمريكية في البحرين، وثالثة فرنسية في دولة الإمارات العربية المتحدة ؟! سؤال ينبغي على إيران أيضًا أن تفكر فيه! ? ***?هذه بعض التساؤلات التي كان على مديري الحوار في ملتقى الفاخرية أن يأخذوها في الاعتبار، ويبقى القول إن إيران ليست “وافدًا جديدًا” كما جاء في عنوان اللقاء، فهي موجودة كقوة إقليمية فاعلة فى القديم والحديث، لكن مشكلة إيران مع بعض الدول العربية، أن ثورتها الإسلامية قد نقلتها من التحالف الإستراتيجي مع أمريكا وإسرائيل، إلى المواجهة مع كلتيهما، وبدلاً من ترحيب العرب بهذا الانتقال واستغلاله، فقد كان ردهم هو حرب دامية ضروس لثماني سنوات، شنّها على إيران طاغية العصر صدام حسين، بدعم أمريكى بطبيعة الحال، ممّا لم يأتِ على ذكره فيما يبدو أي من المشاركين في لقاء الفاخرية !!?
إن المرجو في الختام أن يستمر الملتقى في دراسة مشكلاتنا وقضايانا الجوهرية بهذا التنوّع والعمق، وأن يحرص -كل الحرص- على وجود الرأي الآخر، وأن نطرح على أنفسنا كل التساؤلات الضرورية مهما كانت أليمة وقاسية.
http://www.almadinapress.com/index.aspx?Issueid=2620&pubid=1&CatID=260&sCatID=392&articleid=1045935
التعليــــقات