• الرئيسية
  • أخباره
  • السيرة
  • الفكر والرؤى
  • مؤسســــات
  • عن طلال بن عبدالعزيز
الرئيسية » فكره » مقالاته »

مقالاته

ضحايا الأزمة الإقتصادية العالمية


1984-04-18

إن الوجه الإنساني والحقيقي للحضارة العربية وللشخصية الخليجية بالذات يبرز في نظري من خلال العمل على نجدة المحتاجين .

ضحايا الأزمة الاقتصادية العالمية

بقلم : سمو الأمير طلال بن عبدالعزيز

إن الوجه الإنساني والحقيقي للحضارة العربية وللشخصية الخليجية بالذات يبرز في نظري من خلال العمل على نجدة المحتاجين .


فالإسلام هو دين الرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم هو القائل " من لا يرحم لا يرحم " ولا بد أن يعرف العالم كله أن الأرض التي خرجت منها الهداية لنبي البشر هي نفس الأرض التي يمكن أن يخرج منها الخير للمحتاجين . خاصة في ظل ظروف الأزمة الاقتصادية الحالية التي يكون أولى ضحايا هم المحتاجون والضعاف وخاصة الأطفال .. ففي كثير من الحالات تكون الاحتياجات الأساسية للفقراء في المناطق الأقل حظاً .. تلك الاحتياجات التي تشمل الاحتياجات الصحية الأساسية والغذاء هي أول ما يمكن التضحية به لمواجهة الأزمة الاقتصادية وليست رغبات وكماليات الأغنياء في بعض الدول، والشيء المؤسف أن مشكلة العالم النامي أنه لا يعطي الإنسان الأفضلية المطلقة في مشاريعه وطموحاته .. ولهذا أنا أدعو في كل زيارة لدول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية . أدعو حكومات هذه الدول إلى إنشاء لجان أو مجالس عليا لرعاية الأمومة والطفولة لأن مثل هذه الأجهزة هي وحدها القادرة في ظل ظروف مثل ظروف الأمة الاقتصادية العالمية الحالية على حماية هذه الفئات في الدول النامية .


ومن ناحية أخرى .. تعمل قدر الإمكان من خلال حملة مع التبرعات ومن خلال برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية أن نعمل على سد الثغرة الحالية ونجح هؤلاء الأقل حظاً بتوفير الاحتياجات الأساسية لهم فيعم السلام و الرخاء والاستقرار .


ذلك لأنن أثر الأزمة الاقتصادية العالمية ينعكس انعكاساً مباشراً على الأسرة الفقيرة في الدول النامية ويكون انعكاسه على الأطفال والأمهات انعكاساً حاداً .. ففي ظل الكساد الاقتصادي العالمي تبادر كل من الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية إلى مواجهة آثار الكساد الاقتصادي عليها باتخاذ تدابير من شأنها خفض الإنفاق الحكومي على بعض البرامج .. ففي الدول الغنية يأتي هذا الخفض مباشرة على حجم المساعدات الدولية الموجهة لبرامج التنمية في الدول النامية وفي داخل الدول النامية ذاتها تقوم الحكومات بمواجهة الأزمة بخفض الإنفاق الحكومي من الميزانية الموجهة للخدمات الاجتماعية والتي تشمل الصحة والغذاء والتعليم وإمدادات المياه وفي كلتا الحالتين يكون خفض النفقات على حساب الأسر الفقيرة التي يتأثر دخلها تأثراً كبيراً بأي انخفاض يطرأ على إجمالي الناتج القومي .


والحقيقة أن معظم العلاقات الاقتصادية الدولية تربط المجتمعات الفقيرة بشكل مباشر بالنظام الاقتصادي الدولي وتكون الآثار المترتبة على أي كساد اقتصادي لها انعكاسات مكثفة وموسعة على الأسر الفقيرة في الدول النامية .. فانخفاض معدلات النمو في الدول النامية بنسبة تصل في المتوسط 1.5% وفي داخل الدول النامية ذاتها نجد أن الانخفاض لدى متوسطي الدخل بنسبة 2% إلى 3% يقابله في الغالب انخفاض في دخل الفقراء بنسبة 10% إلى 15% ويأتي انعكاس هذه الأزمة الاقتصادية على الأسر الفقيرة لارتفاع سلعة ما يعقبها انعكاسات متضاعفة على أسعار سلع أخرى ..


وتفيد أحد التقارير الواردة من أفريقيا أن ارتفاع سعر الأرز بنسبة 17% في شهر مايو 1981م قد ترتب عليه مضاعف السعر عام 1982م مع زيادة أسعار مواد غذائية أخرى وأسعار الوقود وتكون الأسر الصغيرة الأفريقية هي الأكثر تأثراً بهذه الزيادات عن الأسر الحديثة .


ومن ناحية أخرى .. فإن نقص النقد الأجنبي يؤدى إلى الحد من استيراد الأدوية، وتؤدي شبكة النقل السيئة في البلاد النامية إلى إعاقة عملية التوزيع الرشيد لما يتوافر من هذه الأدوية .


كما تؤدي ندرة الصابون والمواد الغذائية الرئيسية إلى صعوبة التوعية بالنظافة الشخصية والصحة العامة والتوعية الغذائية . ولحماية الأطفال من آثار الأزمة الاقتصادية يجب على الدول النامية أن تجعل ميزانية الخدمات الصحية والاجتماعية هي آخر بنود الميزانيات عند التفكير في خفض الإنفاق الحكومي أي أن كماليات الأغنياء وليست ضروريات الفقراء هي التي يجب أن تتحمل هذه الأزمة الاقتصادية .
ومن ناحية أخرى .. فإنه على الدول المتقدمة أن تجعل الإنفاق على سباق التسلح هو أول البنود التي تستخدمه في مواجهة آثار الأزمة الاقتصادية ليست بنود مساعدات التنمية حتى لا تكون الأسر الفقيرة وخاصة الأطفال والأمهات هم ضحايا التدابير التي تتخذها كل من الدول المتقدمة والدول النامية لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية، ولما كانت آثار الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها على الأطفال والأمهات تظهر تدريجياً فإن ما نشهده اليوم من آثار على هذه الفئة ليس إلا بوادر بأخطار أشد وأعنف فلا بد إذاً أن يستفحل الخطر ويتفاقم وتكون ثروات الأمم الحقيقية وهي أطفال اليوم بناة مستقبل سلام الغد هو الصحية الأولى .
إن ما يشهده عالم اليوم من حروب طاحنة شرسة موجات جفاف عنيفة وزلازل وبراكين وغيرها من أشكال الكوارث الطبيعية وقانا الله شرها قد شكلت خطراً متفاقماً على حياة وصحة الأطفال والأمهات بصفة خاصة ولم يعد الأمر يتحمل علاوة على ذلك انعكاسات الأزمة الاقتصادية .


إن الجهود الإنسانية يجب أن توجه اليوم بكل قوة وإخلاص نحو إنقاذ أطفال العالم النامي من محنة العصر الذي نعيشه وقنا الله وإياكم شر هول هذا الزمان .


ولذلك فإننا إذا نظرنا إلى ما يقوم به برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية نجد أنه في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية رغم صغر حجم موارده يعتبر فعالاً وإيجابياً لأنه يوجه إلى ضحايا الأزمة الاقتصادية لسد احتياجاتهم الأساسية . وفي نفس الوقت فإنه يوزع على أكبر عدد ممكن من المستفيدين لنضرب مثلاً على ذلك : مشروع توفير خدمات الرعاية الصحية الأولية في 107 دول ساهم فيه البرنامج بمبلغ 4.325.000 يستفيد منه 60 مليون نسمة ومشروع خدمات أساسية للطفولة في السنغال ساهم فيه البرنامج بمبلغ نصف مليون دولار ويبلغ عدد المستفيدين نه أكثر من نصف مليون نسمة ومشروع توفير المياه وصحة البيئة في باكستان ساهم فيه البرنامج بمليوني دولار ويستفيد منه حوالي مليون نسمة .


وكذلك بالنسبة لحملة جمع التبرعات التي سننظمها لصالح منظمة اليونسيف نجد أن ما نجمعه من مبالغ بسيطة تستطيع اليونسيف أن تسد الحاجات الأساسية من أمصال التطعيم أو توفير المياه الصالحة للشر .. فسوف أقوم مثلاً يوم 27 فبراير الحالي بمشيئة الله بافتتاح مصنع لإنتاج أمصال التطعيم في باكستان وهذا المصنع ساهمت فيه اليونسيف وساهمنا فيه بأموال سعودية فعندما نستطيع بالأموال العربية أن ننقذ أطفال العالم الذي يموت منهم 40 ألف طفل يومياً بسبب عدم توافر التحصين ضد الأمراض الفتاكة وعندما نستطيع أن نوفر نعمة المياه الصالحة للشرب نكون قد عكسنا فعلاً للعالم الطبيعة الإنسانية الخيرة للمواطن العربي السعودي الخليجي من خلال برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية الذي يتم تمويله بأموال خليجية ومن خلال حملة التبرعات التي ينظمها هذا البرنامج لصالح منظمة اليونسيف والتي ساهم فيها المواطن السعودي بشكل ساعدنا إلى الوصول إلى بعض الأهداف ولا زلنا نأمل أن تزداد المساهمة من أجل خير من هم أقل حظاً في ظل الظروف الصعبة الناجمة عن الأزمة الاقتصادية العالمية ورغم كل هذه الجهود ففي رأيي أنه لا يمكن أن يكون هناك نجاح بالرجة الكبيرة التي نسعى إليها في تنمية العنصر البشري دون لجان وطنية عليا لرعاية الطفولة والأمومة .

طباعة الصفحة إضافة تعليق ارسل لصديق اضف للمفضلة

اضافة تعليــــق

الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
كم ناتج ضرب 5 في 3 :

ارســـال لصديـق

الاسم
البريد
عنوان صديقك
التعليق

التعليــــقات

Designed & Developed By www.csit.com.sa

2018 © جميع الحقوق محفوظة لموقع الأميـر طلال بن عبدالعزيز آل سعود