وقف هجــرة المسيحييـــن العرب
يتعرض العالم العربي لنزيف بشري واجتماعي وثقافي وسياسي واقتصادي على جانب كبير من الخطورة : هجرة العرب المسيحيين التي لم تنقطع منذ أعوام عدة . انه واقع صعب ستخرج عنه آثار بعيدة على مصير عالمنا العربي وسيغيّر من طبيعة المنطقة ومن أسس ازدهارها وسلامها واستقرارها الداخليين ان لم يتخذ العرب ، مسلمين ومسيحيين، على السواء قرارا بالتصدي لهذه الظاهرة .
يتعرض العالم العربي لنزيف بشري واجتماعي وثقافي وسياسي واقتصادي على جانب كبير من الخطورة : هجرة العرب المسيحيين التي لم تنقطع منذ أعوام عدة .
انه واقع صعب ستخرج عنه آثار بعيدة على مصير عالمنا العربي وسيغيّر من طبيعة المنطقة ومن أسس ازدهارها وسلامها واستقرارها الداخليين ان لم يتخذ العرب ، مسلمين ومسيحيين، على السواء قرارا بالتصدي لهذه الظاهرة .
وكما في زمن ألازمات الكبرى كالتي يعبرها العالم عموما والعالم العربي خصوصا اليوم، لا بد من وقفة للمراجعة مع أسباب هذه الهجرة القاتلة للنسيج العربي .
لقد شكَّل العرب المسيحيون إحدى ركائز البناء العربي القديم والحديث على السواء. ففي فجر الإسلام كانوا ركناً ثقافيا وسياسيا وعسكريا من الدولة العربية التي توسعت شرقا حتى بلاد السند وغربا حتى أسبانيا وكانوا احد عناصر القوة الدافعة التي حملت الإسلام إلى خارج جزيرة العرب وبلاد الشام والتي شكلت احد العناصر الحاسمة في توسع هذه الدولة ونموها وسيادتها على معظم العالم القديم .
في عصر النهضة الممتد طوال القرنين التاسع عشر والعشرين لم يغب العرب المسيحيون عن دورهم في إعادة إحياء معالم العروبة ومضمونها الحضاري الجامع والمنفتح على الحضارات الأخرى الناهضة في مرحلة التراجع العربي. شكلوا حلقة وصل واتصال، وعمقا ثقافيا أصيلا في العروبة ومتقدما في العصرنة والحداثة .
كان العرب المسيحيون ولا يزالون نتيجة لثقافتهم المتنوعة المناهل، يخلقون تحديا مستمرا في الثقافة والفكر، وهجرتهم تلغي هذا المعنى باعتباره تنوعا غنيا وتسلخ فئة كبرى عن أصولها العرقية والثقافية الأصيلة.
عندما نتحدث عن وجود المسيحيين في العالم العربي نعني بقاءهم فيه . فهم من عناصر التكوين الأولى التي يمنع بقاؤها قيام بيئة تفترش التعصب والتطرف وبالتالي العنف المؤدي الى كوارث تاريخية .
بقاؤهم هو الرد بالفعل لا بالقول على مقولة إسرائيل في دولة الدين الواحد، والعرق الصافي، والشعب المختار. وكسر لأسس الفكر الصهيوني في نتائجه المعروفة والقائمة على الحديد والنار والدماء والدموع. والأهم من ذلك كله على فكرة إلغاء الآخر.
بقاؤهم ترسيخ للدولة العصرية المتعددة العنصر والمتنوعة في وحدتها ونفي قاطع لعنصرية الدولة.
بقاؤهم قوة لقضايا العرب في اتصالهم مع الغرب المسيحي اجتماعيا، ثقافيا واقتصاديا. أما هجرتهم فقوة معاكسة وعرضة لاستغلال بيئة تضيِّق مناخات الحوار والتواصل .
بقاؤهم خيار عربي باعتماد الديموقراطية وانتهاجها في الاحتكام إلى الإنسان والمواطن والعقل والحق والحرية والإبداع وتاليا انه ميل مؤكد لاغناء النسيج الاجتماعي العربي والدولة العربية العصرية، وهو خيار حاسم بتدمير منطق الحروب الأهلية كما حدث في لبنان في الأعوام ،1840 ،1860 و.1975 وكما هو حاصل في السودان وكما يُخشى ان يحصل في مصر.
بقاؤهم ، أخيرا وليس آخراً، هو منع لاستنزاف قسم مهم من الطاقات العلمية الثقافية والفكرية الخلاقة في العالم العربي ، وهو أيضا حرص أكيد على عناصر قوة اقتصادية في التجارة والصناعة والمال والتخصص المهني .
باختصار، إن هجرة العرب المسيحيين في حال استمرارها هو ضربة عميقة توجه إلى صميم مستقبلنا.
مهمتنا العاجلة منع هذه الهجرة ، ترسيخ بقاء هذه الفئة العربية في شرقنا الواحد ، والتطلع إلى هجرة معاكسة اذا أمكن.
حضّ المسلمين على الحوار مع الفاتيكان..طلال بن عبد العزيز: المسيحيون العرب يجب ان يتمتعوا بشركة كاملة في الوطن
اكد الامير طلال بن عبد العزيز في حديث الى اذاعة \\\"مونتي كارلو\\\" وجوب تمتع المسيحيين العرب بحقوقهم كاملة ومساواتهم بشركائهم في الوطن.
ورأى ان المرض الحالي للعرب هو الحديث الاحادي. وان الحل هو بالحوار مع الآخر وخصوصا مع الفاتيكان.
وهنا نص الحوار:
* لماذا خبأ النموذج الحضاري للتعايش هذه الايام في بعض وليس في كل الاقطار مما جعل الغرب يرى الامر بصورة مغايرة 360 درجة وينظر الينا نظرة مفادها التطرف فحسب؟
- \\\"هناك متطرفون من جميع الفئات يعملون على توسيع هوة الخلاف. الا ان دور العقلاء والحكماء هو افساد مشروع هؤلاء. فعلي سبيل امثال كنت في مدينة ليما باميركا اللاتينية، وهناك التقيت في وسط المدينة راعي احدى الكنائس الكبرى الذي استضافنا وكرمنا، وقلت له سوف اهديك قرآنا مترجما لتعلم قربنا من المسيحيين، وكيف ان الرسول كان دوما يسأل الصحبة والرفقة مداراة الاديان السماوية لان الانجيل منزل من الله وقلت له ان مريم عليها السلام ذكرت في القرآن اكثر مما ذكرت في الانجيل.
والتاريخ يشير الى ان عرب قحطان كان بينهم من المسيحيين واليهود العدد الكثير وقد احترمهم الاسلام وحافظ عليهم وعاهدهم الى ان نقض اليهود العهد - كما ورد في تراثنا الاسلامي - على رغم احترام المسلمين لتوراتهم، فكيف نأتي نحن اتباع الرسول ولا نحترم هذا الطريق الانساني الذي يبيض وجه كل عربي؟ لذا فاننا عندما تحركنا وكتبنا المقال الاول في جريدة \\\"النهار\\\" في بيروت قالوا هذا اتانا من بلاد مقدسة اسلامية، وهذا يدل على اننا في المملكة متسامحون بدءا من اللقاءات الاسلامية - المسيحية التي انطلقت في عهد جلالة الملك فيصل رحمه الله وفي حبرية قداسة البابا الراحل بولس السادس سنة ،1974 لذا فاننا نرجو ان لا نلام من المجتمع الدولي على اننا مقصرون لان هناك منا من لم يعهد الحضارة في تاريخه، لذا فنحن نرفض اي توجه ليس من الاسلام في شيء وليس من عاداتنا نحن العرب وهو شيء اتانا قريبا من اناس نرجو لهم المغفرة والتوبة من الله\\\".
* كيف يتأتى للمسيحيين العرب ان يجعلوا اطروحة مثل هذه التي تنادي بها، ردا على اطروحة التصادم لصموئيل هنتينغتون؟
- \\\"ان منشأ الصدام هو ذهني قبل ان يكون ماديا وان كانت احداث 11 ايلول قد اظهرته، الا ان القضية اكبر من مجرد شباب تم غسل ادمغتهم.
اما الاجابة عن التساؤل حول دور المسيحيين العرب، فلا بد ان يتمتعوا اولا بكل حقوقهم ومساواتم بشركائهم في الوطن. هذا هو الامر الذي يخلق المكانة الانسانية الدولية وله اعظم رد فعل في الغرب اهم بكثير مما لو ابتعثناهم الى الخارج وان كانت هذه الخطوة يمكن ان تأتي لاحقا وان يكون لهم دور تقدمي في خدمة القضايا العربية والاسلامية شرط ان يشعروا بحال من الارتياح في الشارع العربي ومن الحكومات العربية\\\".
* ماذا عن الدور الذي يمكن المسيحيين العرب الموجودين فعلا في اوروبا واميركا ان يقوموا به؟
- \\\"ان هناك فعاليات منهم وخاصة في اميركا تقوم بدور عربي على قدر كبير جدا من الاهمية مثل جيمس زغبي الذي احضر العرب لاول مرة للمشاركة في المؤتمرات التي كان يعقدها الحزب الديموقراطي الاميركي ايام رئاسة كلينتون.
وهؤلاء يجب دعمهم لتحقيق الاهداف الغربية والاسلامية المنشودة. اشدد على الحوار مع الغرب وخاصة الحوار الاسلامي - المسيحي ومع حاضرة الفاتيكان تحديدا من اجل ان يسمع العالم لغة حوار راقية. وقد بدأت فعلا اعمال هذا الحوار العربي - العربي في لبنان. وهناك اهتمام به في المملكة العربية السعودية ومصر وسيتبلور عنه في القريب العاجل مراكز ابحاث تهتم بقضايا رجل الشارع البسيط بعيدا عن الزعامات الطائفية التي قد تكون مصالحها مغايرة.
اؤكد ان الملك عبد العزيز رحمه الله كان مثالا للانفتاح على الآخر فلم يكتف بان فتح الابواب للخبراء الغربيين من الاوروبيين والاميركيين، بل كفل لهم حرية العبادة داخل كنيسة في جدة في ما كان يسمى بيت القناصل، وقد كلفه الامر ثورة السبلة عام 1929 ضده، ولانه وقف لهم ونظر الى الامر نظرة تقدمية، لذا فان التقدم الذي حدث في المملكة كان اساسه فكريا قبل ان يكون ماديا\\\".
* ما هو المرض الحالي للعرب؟
- \\\"هو المونولوج اي الحديث الاحادي ويكتب الدواء الناجع له وهو الديالوج اي الحوار مع الآخر وهو الامر الذي يقي شر التخبط الحادث اليوم\\\".
* ماذا عن اليهود؟
- \\\"نحن لسنا ضد اليهود اطلاقا، نحن ضد الصهيونية. ومن هذا المنطلق، فان هناك جحافل من اليهود يرفضون الصهيونية، لماذا لا نتصل بهم ولماذا لا يكون لنا علاقات بهم؟ هذا ما لا افهمه. في حين انه يجب ان نفتح الابواب للحوار مع المعتدلين منهم الذين ينظرون نظرة عادلة ودقيقة الى قضية فلسطين وينظرون نظرة فاحصة الى علاقة اليهود بالمسلمين.
اما فكرة الصاق الصهيونية بكل يهودي فهذا امر لا يجوز. اننا نريد ان نحرك مياه الفكر الراكدة على اسس من الحقائق لا الاضاليل والاكاذيب التي تغرر بالعامة. هناك من يهود الغرب الاذكياء الواعين المعتدلين من يعرف ان مستقبلهم هو بالوفاق العربي اليهودي على ارض فلسطين. اما القدس المدينة المقدسة فهي مكان مقدس عند الجميع ولنا جميعا والذي يقول انها تخصه وحده هم الصهاينة، لذا فاننا نفتح اذرعنا وقلوبنا وعيوننا للحوار وخصوصا مع الفاتيكان. وقد كان لي شرف التقاء البابا يوحنا بولس الثاني عام 1982 في الفاتيكان. وهذا الحوار يجب ان يستمر وان تذلل أي عقبات تقف في طريقه. والحوار الذي نريده يجب ان لا نبحث فيه عن العقيدة. كل واحد له عقيدته. ما عدا ذلك نتعايش. وهناك امور كثيرة نلتقي فيها.
الامر اذن يحتاج الى تحرك واع منا. وعلى سبيل المثال كنت اول سعودي الاصل يزور رأس الكنيسة القبطية الارثوذكسية في مصر الانبا شنودة الثالث. وهذا ان دل على شيء فعلى صدق التوجه لدينا في الانفتاح على الآخر وخلق مساحة من الفهم والتفاهم مع الآخر والوصل والوصال بديلا من التصادم والافتراق\\\".
* ماذا عن مواقف البابا يوحنا بولس الثاني المعارضة للحرب على العراق؟
- \\\"ان البابا كان مدعوا من الكنيسة في العراق، لكن الزيارة لم تتم، ذلك لانه لم يرد ان يذهب تحت راية النظام العراقي السابق. اما الموقف الآخر والذي كان مشرفا حقيقة للجميع، فكان موقفه من الحرب لانه مع العقل والشرعية وتحرك الجيوش الاميركية هو أمر مخالف للشرعية الدولية، وقد استمع الى صوته الملايين من الاوروبيين والاميركيين.
لذا كان موقف البابا الرافض للحرب موقفا يمثل الانتصار للحقائق وللشرعية، حتى ان بعض السعوديين سموه البابا العربي المسلم لانه قال لا للحرب. هذه الامور نقدرها للبابا ومواقف هائلة تحسب له، ذلك لانه لم يقف ساكنا كرجل دين لا علاقة له بالاحداث الدنيوية بل ناضل كرئيس دولة بجانب مسؤولياته الروحية كرئيس كنيسة\\\".
التعليــــقات